للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: هل يأمر الله بالفحشاء؟

قالوا: القرآن ينسب إلى الله الأمر بالفاحشة في قوله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} (الإسراء: ١٦)، ففهموا منه أن الآية تقول: الله أمر المترفين بالفسق، ثم عاقبهم على ذلك!

والجواب: لم يظهر في منطوق الآية صريحاً حقيقة ما أمر به الله، فالآية تقول: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، ولا تحدد حقيقة المأمور به ولا تفصيله، لكن مفهوم الآية يدل على أن الله أمرهم بالطاعة {فَفَسَقُوا فِيهَا} بعصيانهم له، فالفسق هو الخروج عن الطاعة.

قال ابن منظور: " {ففسق عن أمر ربه} خرج من طاعة ربه، والعرب تقول إذا خرجت الرطبة من قشرها: قد فسقت الرطبة من قشرها، وكأن الفأرة إنما سميت فويسقة لخروجها من جحرها على الناس، والفسق الخروج عن الأمر وفسق عن أمر ربه أي خرج" (١).

ومن هذا تبين أن فسقهم هو خروجهم عن أمر الله الذي أمرهم بالصالح، فخرجوا عن أمره، والله عز وجل لا يأمر إلا بالصالح، ولا يدعو تبارك وتعالى إلى الفاحشة ولا إلى السيء من القول أو الفعل {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَالله أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (الأعراف: ٢٨).


(١) لسان العرب، ابن منظور (١٠/ ٣٠٨).

<<  <   >  >>