للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القرآن كتاب الله المحفوظ]

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: ٩).

عهد الله بالكتب السابقة إلى أصحابها فأضاعوها وبدلوها، فصان الله كتابه الأخير عن عبث البشر وتحريفهم، وتعهد بحفظه {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: ٤١ - ٤٢).

وإنفاذاً لوعد الله بحفظ كتابه الأخير قيض عز وجل أسباباً كثيرة؛ حفظه من خلالها، وجعلته مخصوصاً بين سائر الكتب الدينية والدنيوية بحفظ ملايين المسلمين له عبر القرون.

نزل القرآن الكريم في أمة أُمِّية تعتمد الحفظ القلبي طريقاً لحفظ تراثها وأشعارها وأنسابها، لا تجد عنه بديلاً، فراعى الله حالهم وأنزله عليهم منجماً مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة، فسهل عليهم حفظه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} (الفرقان: ٣٢)، {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} (الإسراء: ١٠٦).

وكان أول حفظ الله للقرآن أن مكنه في قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي حرص على تلقي القرآن بعناية وحفظ، وكان يردده حال سماعه له من جبريل عليه السلام، خشية أن يفوته منه شيء، فطمأن الله قلبه وهدأ روعه، وأعلمه أن القرآن محفوظ في قلبه بحفظ الله: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} (طه: ١١٤).

وهو محفوظ من بعد ذلك: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} (القيامة: ١٦ - ١٧).

قال ابن كثير: "هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله ـ عز وجل ـ

<<  <   >  >>