للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: مريم أخت هارون

قالوا: أخطأ القرآن حين جعل مريم بنت عمران أختاً لهارون في قوله تعالى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} (مريم: ٢٨)؛ إذ المعلوم في علم التاريخ أن مريم كانت بعد هارون بن عمران بما يربو على الألف سنة.

والجواب: أن هذه الأبطولة من أقدم الشبهات المطروحة على القرآن الكريم، وقد تولى الرد عليها وبيان أغلوطة قائلِها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وما يزال أقوام يرددون هذه الشبهة البائدة.

جاء في صحيح مسلم أن المغيرة بن شعبة قال: لما قدمتُ نجران سألوني فقالوا: إنكم تقرؤون: {يَا أُخْتَ هَارُونَ}، وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فلما قدمت على رسول الله سألتُه عن ذلك فقال: «إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم» (١).

فبهذا البيان النبوي تبين أن هارون أخا البتول مريم ليس بهارون أخي موسى، كما توهم نصارى نجران والمبطلون من بعدهم.

ولو فهموا لغة العرب وسعة ألفاظها لما قالوا ما قالوه، فالعرب تطلق كلمة الأخ على الشبيه وعلى قريب النسب؛ وإن لم يكن أخاً.

فأما الشبيه، فكقول الله عز وجل: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (الإسراء: ٢٧)، فالمبذر بمثابة أخ للشياطين، لشبهه بفعالهم.

وأما أخوة القرابة فكقوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً} (الأعراف: ٧٣).


(١) أخرجه مسلم ح (٢١٣٥).

<<  <   >  >>