للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: هل القرآن منقول من الكتاب المقدس؟

قالوا: القرآن منحول عن الكتاب المقدس في كثير من معارفه ونصوصه التي شابهت ما في الكتاب المقدس من أخبار السابقين.

والجواب: إن القرآن يصرح بوجود التشابه بين ما أنزله الله على الأنبياء وبين ما أنزله على خاتمهم - صلى الله عليه وسلم - {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (الأنبياء: ١٠٥)، ومثله في قوله: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} (الأعلى: ١٦ - ١٩) (١)، فوحدة المصدر تستلزم وجود التشابه، والتشابه بينهما يكون بقدر ما يشتمل عليه الكتاب المقدس من حق وما بقي فيه من هدي الأنبياء {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} (النساء: ١٦٣).

لكن التشابه بين الكتابين ليس مطرداً، فثمة فروق كبيرة بينهما سنعرض لبعضها بعد أن نبين أن الكثير مما يظنه البعض تشابهاً هو في حقيقته مشتمل على مفارقة كبرى تبطل زعم الزاعمين بالتشابه بين الكتابين.

فمثلاً لا تشابه ولا توافق بين ما جاء في الإنجيل وما جاء في القرآن عن المحرومين من دخول الجنة رغم ما قد يظن من تشابه السياقين، ففي الإنجيل أن المسيح قال لتلاميذه: "الحق أقول لكم: إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غني إلى ملكوت الله" (متى ١٩/ ٢٣ - ٢٥)، فهذا النص في تجريم الأغنياء وحرمانهم من الجنة؛ بينما القرآن ضرب هذا المثل في حديثه عن الكفار


(١) للأسف هذه الإحالة القرآنية إلى أسفار موسى نفتقدها في الأسفار المنسوبة إلى موسى في الكتاب المقدس بسبب ما تعرضت له الكتب السابقة من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان.

<<  <   >  >>