استشكل البعض ما ورد في سورة الكهف، في سياق الحديث عن رؤية الملك ذي القرنين الشمس وهي تغرب في عين حمئة، وذلك في قوله:{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً}(الكهف: ٨٦)، فتساءلوا كيف تغرب الشمس في عين صغيرة على الأرض وهي نجم عظيم يدور في السماء؟
لا ريب أن القول بغياب الشمس في عين أو بحر بعيد كل البعد عن أبسط معارفنا العلمية التي قررها القرآن منذ زمن بعيد؛ فقد ذكر القرآن أن الشمس والقمر والأرض كواكب أو نجوم تسبح في أفلاكها في السماء {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}(الأنبياء: ٣٣)، فلكل فلكه الخاص الذي لا يتداخل مع فلك غيره، فكيف يسوغ - بعد ذلك - أن ينسب إليه القول بغروب الشمس في عين من عيون الأرض.
إن هذا القول أبعد ما يكون عن لفظ القرآن ومعناه، ولو كان هذا الفهم المغلوط مراداً؛ لوجب أن تشرق الشمس من نفس المحل وعلى نفس القوم الذين غربت عليهم، وهو ما لا يظنه عاقل، ولو صغرت سنه، وهو ما ينفيه القرآن في نفس السياق، إذ بعد غياب الشمس انطلق ذو القرنين تجاه مشرقها {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً}(الكهف: ٨٩ - ٩٠).
القرآن في هذه الآية وصف ما تبدى لذي القرنين ساعة الغروب، حيث {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}، ولم يقل القرآن: إن الشمس تغرب في تلك العين.