قالوا: القرآن ظلم المرأة حين أذن بالطلاق بين الزوجين، والمفروض أن تكون الحياة الزوجية على التأبيد، وقالوا بأنه ظلم المرأة حين جعل الطلاق بيد الرجل، دون المرأة.
والجواب: أن الطلاق شرعة موجودة عند كل الأمم بلا استثناء، وما من أمة ولا شرعة إلا وأباحت الطلاق ولجأت إليه كحل لا مفر منه في إنهاء الخلافات المستعصية بين الأزواج، فالعهد القديم يبيح الطلاق، والعهد الجديد كذلك يبيح الطلاق بعلة الزنا، وإن حرمه فيما عدا ذلك، لكن هذا التحريم أدى إلى مفسدة عظمى، فكان سبباً في انتشار الزنا والعلاقات المحرمة بدون زواج، حيث يعيش الرجل مع المرأة سنين طويلة قبل أن يتزوجا، ولا يمنعهما عن الزواج إلا خشية وقوع الفراق، فلا يتزوجان إلا بعد أن ينجبا عدداً من الأبناء، ويتأكدا من ديمومة زواجهما واستغنائهما عن الانفصال.
إن الطلاق ضرورة اجتماعية معروفة في الشرائع قبل الإسلام، وهي مقررة اليوم في كافة القوانين المدنية، فكيف يطالب المرء بإمساك زوجة لا يطيقها، وقد قيل:"إن من أعظم البلايا مصاحبة من لا يوافقك ولا يفارقك".
ويقرر الإسلام أن الأصل في الحياة الزوجية الديمومة التي تحرسها المودة والرحمة التي يجعلها الله بين الزوجين {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم: ٢١)، فقد رغب القرآن في ديمومة النكاح، وحثَّ الزوج في الإبقاء على العلاقة الزوجية حتى حال الكراهية بين الزوجين {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}(النساء: ١٩).