[هل تغير النص القرآني في عصر الصحابة الكرام وبعدهم؟]
أولاً: اختلاف مصاحف الصحابة
قالوا: اختلفت مصاحف الصحابة في الصدر الأول مما استدعى من الخليفة الثالث عثمان أن يقول بإحراق هذه المصاحف وأن يجمع الصحابة على مصحفه.
الجواب: تحدثنا فيما سبق عن جمع عثمان للمصاحف، وتبين لنا في حينه أن أبا بكر الصديق جمع القرآن في دفتي كتاب بعد أن جمع كل ما عند الصحابة مما كتبوه بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن عثمان أراد جمع الصحابة على حرف قريش الذي نزل القرآن به، وأنه بدأ بصحف الجمع البكري، فأرسل إلى أم المؤمنين حفصة والتي كانت تحتفظ بصحف أبي بكر:(أن أرسلي إلينا بالصحف؛ ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك)، فقد أعاد عثمان نسخ صحف أبي بكر التي جمعت من المكتوب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد استوثق له وانعقد له إجماع الصحابة.
فإن وجد في مصاحف بعض الصحابة خلاف المصحف المجمع عليه، فهذا يعود إلى خطأ في نسخته، ونسخته ليست أثبت من النسخة التي أجمع عليها الصحابة، إذ قد يفوت الآحاد ما لا يفوت الجمع، كما أن في نسخ آحادهم بعض ما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل العرضة الأخيرة للوحي في أواخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففيها ما نسخت تلاوته، كما قد يقع في نسخ آحاد الصحابة نقص بعض سوره أو زيادة الناسخ - في نسخته - شرح كلمة وسواها، فيخشى أن يظن من يأتي بعد ناسخها أنها من القرآن.
وتكامل المصحف العثماني وفق المنهجية التي ذكرنا تفاصيلها قبلُ، وأجمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على القراءة بهذا المصحف، وأمر عثمان بإرسال نسخ منه إلى الأمصار، وأمر من كان عنده شيء من صحف القرآن أن يحرقها، يقول حذيفة: (حتى إذا نسخوا الصحف [صحف الجمع البكري] في المصاحف؛ رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل