للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سوء الفهم لبعض آيات القرآن الكريم وألفاظه]

١. قالوا: القرآن يستخدم كلمات لا تليق وتخدش الحياء، مثل كلمة (النكاح) أو (الغائط) أو (الفرج)، ومفهوم كلمة النكاح عندهم (الجماع)، وأما (الغائط) فرأوه اسماً صريحاً لما يخرج في الخلاء، وكذلك الحال في (الفرج) الذي اعتبروه لفظاً صريحاً في الدلالة على محل الجماع.

والجواب: لعل من نافلة القول أن نقرر أن الباحث في كتب أهل الأديان اليوم لن يجد كتاباً مثل القرآن في عنايته بالآداب وانتقائه لأجود الكلمات والألفاظ، لأنه كتاب الرب الحكيم العليم، تعالى عن كل نقيصة ومثلبة.

لكن الجماع والتبول والتبرز عمليات حيوية لا يخلو عن التطرق إليها كتاب يتناول توجيه المناشط الإنسانية، بيد أن عظمة القرآن عرضت ما يتعلق بهذه المعاني في قالب أدبي رصين لا مثيل له، فذكرها بطريق الاستعارة والكناية استعلاءً وترفعاً عن اللفظ الصريح المستقبح.

ومن ذلك أنه تبارك وتعالى عبر بالمماسة والملامسة عن الجماع، كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} (المجادلة: ٣ - ٤)، ومثله قوله: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} (البقرة: ٢٣٧)، وقوله: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} (النساء: ٤٣).

وفي مواضع أخرى استعاضت الآيات عن ذكر الجماع بألفاظ عامة كالرفث والإفضاء والمباشرة والاعتزال، ومن ذلك قوله عز وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} (البقرة: ١٨٧)، قال ابن عباس: "الرفث، الجماعُ، ولكن الله كريم يَكني" (١)، وأصل الرفث كما قال أبو عبيدة هو: "اللغا من الكلام، وأنشد:


(١) جامع البيان، الطبري (٣/ ٤٨٧).

<<  <   >  >>