(فعلان) من (قرأ، قرآن)، ومثل هذا الاشتقاق كثير في لغة العرب (رحمن - فرقان - رضوان - حيوان - حيران - غضبان).
وكلمة (قرآن) مصدر آخر من الفعل (قرأ)، وهو يختلف في معناه عن المصدر (قراءة)، كما يفترق (رحمن عن رحيم، وفرقان عن فرق، ورضوان عن رضا، وحيوان عن حياة، وحيران عن حائر)، فالمصدر (فعلان) يفيد معنى زائداً، فالقراءة في أي كتاب هي صورة للقراءة، أما القرآن فهو حقيقة القراءة، وكذلك (الحياة) تدل على أي صورة من صور الحياة، بينما (الحيوان) تدل على الحياة الحقيقية، لذلك قال الله عن الآخرة:{وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}(العنكبوت: ٦٤)، وكذلك الفرق بين الرضى والرضوان، وبين الفرق والفرقان (١).
لكن العرب أيضاً استخدمت كلمات وفدت إلى العربية من لغات أخرى، وهي في غالبها تتعلق بمسميات وافدة على العرب، فاستوردها العرب في رحلاتهم إلى الشام وفارس مع أسمائها كـ (سندس، إستبرق، زنجبيل)، فأصبحت عربية بالتعريب واستخدام العرب لها، ويشبه هذا استخدامنا اليوم لبعض الكلمات المتعلقة بمصنوعات وفدت إلينا من الغرب، كـ (التلفزيون، الفيديو، الراديو).
واستعمال العرب ثم القرآن لأمثال هذه الكلمات لن يقلل من عروبة القرآن، فعروبة أساليبه وفصاحة كلماته لم ينكرهما حتى عرب الجاهلية، وهم من هم في الفصاحة والجزالة، وكذلك في الحرص على الوقوف على زلل في القرآن أو خطأ.
(١) انظر: صيغ النسب في اللغتين العربية والسريانية، د. أحمد الجمل، مجلة كلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، العدد ٣٢ لسنة ٢٠٠١م، ص (٢٤٢ ـ ٢٤٤)، نقلاً عن كتاب القرآن ولغة السريان، أحمد محمد علي الجمل.