من أقوى الحجج على منكر النبوات والمعاد والتوحيد، وقد قال تعالى لمنكري ذلك {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} .. يعني سلوا أهل الكتاب: هل أرسلنا قبل محمد رجالاً يوحى إليهم أم كان محمد بدعاً من الرسل لم يتقدمه رسول حتى يكون إرساله أمراً منكراً؟ " (١).
وهكذا فالآية تجعل من شهادة أهل الكتاب دليلاً ناهضاً للاحتجاج على مشركي مكة في مسألة نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو معنى تكرر في مواضع أخرى من القرآن، كقوله:{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}(الرعد: ٤٣).
خامساً: التوثيق المزعوم لكتب أهل الكتاب في القرآن
قالوا: في حين أن المسلمين يرمون كتب أهل الكتاب بالتحريف والتبديل فإن القرآن يُعلي من شأن التوراة والإنجيل، ويصفهما بالهدى والنور {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}(المائدة: ٤٤)، و {وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ}(المائدة: ٤٦).
وقالوا: ذكر القرآن أن التوراة والإنجيل الموجودين عند أهل الكتاب زمن النبي غير محرفين؛ بدليل أنه دعا إلى تحكيمهما {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم}(المائدة: ٦٦)، وقال لهم:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ}(المائدة: ٦٨).
وقالوا: شهد القرآن والسنة أن كتبنا فيها حكم الله {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ الله}(المائدة:٤٣)، ولما أخذها النبي بيده نزع الوسادة