للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من تحته، فوضع التوراة عليها، ثم قال: «آمنت بك وبمن أنزلك» (١).

والجواب: امتدح الله في القرآن ما أنزله على أنبيائه ورسله، وذكر أنه هدى ونور، فكل كتب الله تعالى كذلك، ولو أقام البشر في حياتهم ما أنزل الله إليهم؛ لسعدوا ونجوا، لكن هذه الكتب المنزلة ضاعت وحرفت وبدلت، فما التوراة ولا الإنجيل اللذين بين أيدي اليهود والنصارى بتوراة الله ولا إنجيله؛ وإن كان فيهما بقية أثارة حق مما نزل على الأنبياء، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن بني إسرائيل لما طال الأمد وقست قلوبهم اخترعوا كتاباً من عند أنفسهم، استهوته قلوبهم واستحلته ألسنتهم، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم، حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون» (٢).

وإثبات تحريف الكتب الموجودة بين أيدي اليهود والنصارى باب يطول، وليس هذا محله (٣)، ويكفي في هذا الموضع أن نؤكد أن التوراة والإنجيل الموجودين اليوم ليسا الكتابين اللذين أنزلهما الله عز وجل وامتدحهما القرآن.

وإثبات هذا ميسور، فقد نسب القرآن الكريم إلى توراة الله وإنجيله معاني نفتقدها في الكتب الموجودة اليوم عند اليهود والنصارى، ففقدُها دليل على أن هذه الكتب قد غيرت وبدلت، وأنه ضاع منها ما أشار القرآن الكريم إلى وجوده فيها.

قال الله تعالى: {إِنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ} (التوبة: ١١١)، فالآية صريحة في أن موعود الله بالجنة للمؤمنين


(١) أخرجه أبو داود ح (٤٤٤٩).
(٢) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٦/ ٩٥)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (٢٦٩٤).
(٣) أفردت لهما كتابين، الأول: "هل العهد القديم كلمة الله؟ "، والثاني: "هل العهد الجديد كلمة الله؟ ".

<<  <   >  >>