للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق، بل سروا بالإثم " (تسالونيكي (٢) ٢/ ١٠ - ١٢).

وبعد ثبوت براءة القرآن مما نسبوه إليه فإني أتساءل والعَجب يلفني: هل جهل أصحاب هذه الشبهة وجود ما استنكروه على القرآن في كتبهم؟ ألم يقرؤوا ما جاء في سفر حزقيال، وهو من الأسفار المقدسة التي يؤمن بها الطاعنون في القرآن من اليهود والنصارى: "النبي إذا ضل وتكلم بكلام، فأنا الرب أضللت ذلك النبي" (حزقيال ١٤/ ٩)؟! (١)، وفي العهد الجديد يذكر بولس أن الله يقسي قلوب من أراد ضلالهم: "هو يرحم من يشاء، ويقسي من يشاء" (رومية ٩/ ١٨)، فماذا هم قائلون؟

وبعيداً عن التعليل القرآني الذي ذكرناه لإضلال الله أهل الشر من عباده؛ فإن بولس لا يجعل الهداية والإضلال بسبب اختيار البشر ونتيجة أفعالهم، بل يسنده وما يستتبعه من العذاب إلى حق الله المطلق في فعل ما يشاء، فيقول: "فتقول لي: لماذا يلوم بعد؟ لأن من يقاوم مشيئته! بل من أنت أيها الإنسان الذي تجاوب الله؟ ألعل الجبْلة تقول لجابلها: لماذا صنعتني هكذا؟ أم ليس للخزاف سلطان على الطين أن يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة، وآخر للهوان" (رومية ٩/ ١٨ - ٢١)، فالإضلال حسب النص الإنجيلي لا يتعلق إلا بالمشيئة الإلهية، وليس بسبب ظلم العباد وضلالهم وطغيانهم.


(١) وقد تكرر هذا في نصوص كثيرة نكتفي بالإشارة إلى بعضها: انظر: (الخروج ٧/ ٣)، (الأيام (٢) ١٨/ ٢٢)، (تسالونيكي (٢) ٢/ ١١).

<<  <   >  >>