للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يتقوى هذا الإسناد بإسناد الطبراني للأثر من رواية الأزرق بن علي (أبي الجهم الحنفي)، وقد ذكره ابن حبان وقال: "يغرب"، أي له غرائب (١).

والأزرق صاحب الغرائب يرويه عن حسان بن إبراهيم الكرماني، وقد وثقه البعض، وضعفه غيرهم، كالعقيلي الذي قال عنه: " في حديثه وهم"، كما أعله غير واحد من العلماء، قال ابن حبان: "ربما أخطأ".

وقال أبو زرعة: "لا بأس به".

وقال النسائي: "ليس بالقوي".

وقال ابن عدي: "قد حدث بأفراد كثيرة، وهو عندي من أهل الصدق إلا أنه يغلط في الشيء ولا يتعمد" (٢).

وبهذا يتبين ضعف هذه الروايات المروية عن مثل هؤلاء، وقد أشار العلماء من أهل الصنعة الحديثية إلى ذلك، فقال ابن حزم: "وكل ما روى عن ابن مسعود من أن المعوذتين وأم القرآن لم تكن في مصحفه؛ فكذب موضوع لا يصح، وإنما صحت عنه قراءة عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، وفيها أم القرآن والمعوذتان" (٣).

وكذلك فإن الباقلاني يكذب هذه الأخبار ويقول: "هذا باطل وزور، ولا ينبغي لمسلم أن يثبته على عبد الله بن مسعود بأخبار آحاد معارضة بما هو أقوى منها عن رجال عبد الله في إثباتها قرآناً" (٤)، ونرى في كلام ابن حزم والباقلاني إشارة إلى أمر مهم - نعود إليه -، وهو مخالفة هذه الروايات الضعيفة للقراءات


(١) انظر: الثقات، ابن حبان (٨/ ١٣٦)، تهذيب التهذيب، ابن حجر (١/ ١٧٥).
(٢) انظر: الضعفاء، العقيلي (١/ ٢٥٥)، وتهذيب التهذيب، ابن حجر (٢/ ٢١٤ - ٢١٥).
(٣) المحلى، ابن حزم (١/ ١٣).
(٤) نكت الانتصار لنقل القرآن، الباقلاني، ص (٧٥).

<<  <   >  >>