للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن سيرين (راوي الأثر المشكِل عنه): (السبع المثاني فاتحة الكتاب) (١).

ولو تأملنا المنقول عنه لما وجدنا فيه إنكاراً لقرآنية الفاتحة، بل غاية ما فيه أن ابن مسعود لم يكتب الفاتحة في مصحفه، وصدق ابن قتيبة بقوله: "وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه، فليس لظنه أنها ليست من القرآن (معاذ الله)، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين، مخافة الشك، والنسيان، والزيادة، والنقصان، ورأى ذلك لا يجوز على سورة الحمد لقصرها، فلما أمن عليها العلة التي من أجلها كتب المصحف؛ ترك كتابتها، وهو يعلم أنها من القرآن" (٢)، فقد أغفل - رضي الله عنه - كتابتها في مصحفه لإطباق الناس على قراءتها، لذا نقل إبراهيم النخعي أنه قيل لابن مسعودٍ: لِمَ لَمْ تكتب الفاتحة في مصحفك؟ فقال: (لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة) (٣).

قال أبو بكر الأنباري: "يعني أن كلَّ ركعةٍ سبيلُها أن تفتتح بأم القرآن، قبل السورة المتلوَّة بعدها، فقال: اختصرت بإسقاطها، ووثقت بحفظ المسلمين لَهَا، ولم أثبتها في موضعٍ، فيلزمني أن أكتبها مع كل سورةٍ، إذ كانت تتقدمها في الصلاة" (٤).


(١) انظر: المطالب العالية في زوائد الكتب الثمانية، ابن حجر ح (٣٦١٠).
(٢) مناهل العرفان، الزرقاني (١/ ١٩٢).
(٣) عزاه السيوطي أيضاً في الدر المنثور (١/ ١٠) إلى عبد بن حميد، ولم أجده في مسنده، ولعله أيضاً في تفسيره المفقود، وانظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/ ١٠٣)، وكلام أبي بكر الأنباري ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١/ ١١٥).
(٤) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (١/ ١١٥).

<<  <   >  >>