للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل هو مروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد سأله أُبي بن كعب عن هذه الآية؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «عشرون ألفاً» (١)، أي: يزيدون عشرين ألفاً.

كما تأتي (أو) في لغة العرب بمعنى آخر قريب، وهو (بل) التي تفيد الإضراب الانتقالي كما أسماه إماما اللغة أبو علي الفارسي وابن جني، وغيرهما، واستشهدوا بقول جرير وهو يصف كثرة عياله:

ماذا ترى في عيال قد برَمْت بهم ... لم أُحصِ عدتهم إلا بعَدَّاد

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قَتَّلْتُ أولادي

ومثله قول ذي الرمة:

بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشمس في رَوْنَق الضُّحَى ... وصورتِها أو أنتِ في العين أَمْلَحُ (٢)

وتفيد (بل) معنى زائداً على (الواو)، وهو إثبات المخبر عنه، ونفي ما زاد عنه، ومعناه في البيت الأول أنهم ثمان وثمانون، وليسوا أقل من ذلك، وفي الثاني أن جمالها ليس بأقل من قرن الشمس، بل هي أجمل منها.

وهذا المعنى الفصيح والبليغ لـ (أو) ورد في القرآن مراراً، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (البقرة: ٧٤)، أي: بل هي أشد قسوة، وقوله: {إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ الله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} (النساء: ٧٧)، أي: بل أشد خشية، وقوله عن قرب النبي - صلى الله عليه وسلم - من جبريل: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (النجم: ٩)، أي: بل هو أدنى، وقوله: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} (النحل: ٧٧)، أي: بل هو أقرب، وقوله: {فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} (البقرة: ٢٠٠)،


(١) أخرجه الترمذي ح (٣٢٢٩)، والطبري في تفسيره (٢١/ ١١٥)، وفيه رجل مبهم، فالحديث ضعيف.
(٢) مختار الصحاح، الرازي (١/ ٢٠).

<<  <   >  >>