للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشهدوا للمسيح بالرسالة فحسب، واتبعوه ونصروه {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ الله آمَنَّا بِالله وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أََََََََََََََََنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (آل عمران: ٥٢ - ٥٣)، وفي موضع آخر يقول الله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} (المائدة: ١١١)، فهؤلاء من خيرة لله في خلقه، وهم مؤمنون بالمسيح الرسول، وبريئون من معتقدات النصارى التي استقاها المسيحيون من أقوال بولس والمجامع الكنسية من بعده.

إن هذه الثلة المؤمنة ممدوحة في القرآن ولا ريب، وقد وصفهم الله بقوله: {أنصار الله} (الصف: ١٤)، ومدحة الله لهم في القرآن تسري على كل مؤمن مشى على نهجهم إلى يوم الدين (١).

ولما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لمنهجهم بقايا على الأرض تمثل في أشخاص أحبهم الله؛ لاستقامتهم على التوحيد، وإعراضهم عن مذاهب التثليث والشرك التي كرهها الله، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «وإن الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب» (٢).

فهؤلاء ومن سلفهم من المؤمنين هم الذين أثنى الله عليهم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: ٦٢)، وقد ذُكر في سبب نزولها أن سلمان حدَّث النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه النصارى الذين كانوا على


(١) يمتلئ تاريخ المسيحية بما تسميه الكنيسة اليوم بفرق الهراطقة، كالأريوسية والأبيونية، وهي فرق تنكر ألوهية المسيح وتندد بالتثليث، وكانت تمثل السواد الأعظم من النصارى حتى القرن الرابع الميلادي.
(٢) أخرجه مسلم ح (٢٨٦٥).

<<  <   >  >>