للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين بالخمسة آلاف (١)، فهذا خبر الخمسة آلاف.

والحق أن الله أنزل من الملائكة يوم بدر ثلاثة آلاف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه قبل المعركة: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ} (آل عمران: ١٢٤)، وقد نزل هؤلاء الملائكة بالترادف ألفاً بعد ألف، كما قال الله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِين} (الأنفال: ٩)، فقوله: {مُرْدِفِين} تعني: ردفهم غيرُهم ويَتْبَعهم ألوف أُخر مثلهم، فالترادف هو التتابع، والرادف: المتأخر، والمردف: المتقدم الذي أردف غيره (٢).

الإشكال الثالث: أيهما خلق أولاً، السماوات أم الأرض؟

قالوا: تناقض القرآن حين تحدث عن ترتيب وجود المخلوقات، فتارة يجعل الأرض مخلوقة قبل السماء {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة: ٢٩)، وأكد هذا في سورة فصلت: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (فصلت: ٩ - ١٢)، فهذه الآيات تجعل خلق الأرض قبل خلق السماوات، بدليل قوله {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} في الموضعين.


(١) جامع البيان، الطبري (٣/ ٤٢٢).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير (١/ ٥٣٢)، والبحر المحيط، ابن حيان (٨/ ٣٠٧ - ٣٠٨)، ومفردات غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، ص (١٩٣).

<<  <   >  >>