حكمين، أحدهما من أهله، والآخر من أهلها، ليبحثا أسباب الشقاق، ويسعيا لإحلال الصفاء والوئام محل النفور والخصام:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفّقِ الله بَيْنَهُمَا}(النساء: ٣٥).
فإن استحالت الحياة بين الزوجين فإن الإسلام أذن للزوج بطلاق المرأة مرتين من غير أن يخرجها من بيتها قبل انتهاء عدتها، وأن يكون طلاقه لها في طهر لم يجامعها فيه، فهذا الشرط يمنع الطلاق حال الحيض وامتناع العشرة الزوجية، وهو شرط لا يتحقق في الحياة الزوجية إلا مع النُفْرة الشديدة المانعة لديمومة الحياة الأسرية.
ويضع القرآن للمطلقة حقاً على زوجها، وهو المتعة {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ}(البقرة: ٢٤١)، وهو مبلغ من المال يجبر فيه خاطرها ولم يحدد القرآن مقداره، بل قال:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ}(البقرة: ٢٦٣).
وقد وضع الإسلام - كما الشرائع السابقة - الطلاق بيد الرجل لحكم لا تخفى:
أولاً: عاطفية المرأة تؤدي إلى تسرعها في الأمور، بينما الرجل بعقليته الغالبة أقدر على تحمل مثل هذا القرار والتروي في اتخاذه.
ثانياً: الطلاق يحمل الزوج تبعات مالية كخسارة ما دفعه من مهر مقدم، وما يلزمه من مهر مؤجل ونفقة العدة وأجرة الرضاعة والحضانة إن كان له طفل أو أطفال من زوجته المطلقة، وهذا كله مما يحمل الزوج على التأني وعدم العجلة في تطليق زوجته، وربما تزول أسباب طلاقها في حالة تأنيه وعدم عجلته، إضافة إلى أن الخسائر المالية ستلحق به بسبب قراره، لا بسبب قرار يتخذه غيره.