للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقطعه، وقال: «مال الله عز وجل سرق بعضه بعضاً» (١).

وحين أساء حاطب بن أبي بلتعة إلى رقيقه، وقصر في إطعامهم؛ سرقوا ناقة رجل من مزينة، فرفع الأمر إلى عمر، فعفا عنهم، وقال لحاطب: (أراك تجيعهم، والله لأغرمنّك غُرماً يشق عليك)، فأمره أن يدفع للمزني ضعف ثمن الناقة التي سرقها رقيقه، وعفا عنهم، ولم يطبق عليهم حد السرقة (٢).

وأخيراً فإن الحضارة الإسلامية قدمت نموذجاً فريداً في معاملة العبيد، فكان منهم العلماء، كسالم - رضي الله عنه - مولى أبي حذيفة، والأمراء كسلمان الفارسي أمير المدائن، وزيد بن حارثة قائد جيش المسلمين في مؤتة، وبلال خازن بيت المال الذي يقول عنه الخليفة عمر بن الخطاب: (أبو بكر سيدُنا، وأعتق سيدَنا) (٣) أي بلالاً.

ولعل القارئ يأذن لي في خاتمة هذا الفصل باستطراد طريف يحكي منزلة العبيد وعطاءهم الحضاري الكبير في أمة الإسلام، فقد دخل الزُّهري على الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان فقال: من أين قدمت يا زهري؟ قلت: من مكة.

قال: فمن خلفت بها يسود أهلها؟ فقلت: عطاء بن أبي رباح. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي. قال: فبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية قال: إن أهل الديانة والرواية ينبغي أن يسودوا الناس. قلت: نعم.

قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قلت: طاووس بن كيسان. قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي قال: فبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء. قال: من كان كذلك ينبغي أن يسود الناس.

قال: فمن يسود أهل مصر؟ قلت: يزيد بن أبي حبيب. قال: فمن العرب أم


(١) أخرجه ابن ماجه ح (٢٥٩٠).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ح (١٤٦٨).
(٣) أخرجه البخاري ح (٣٧٥٤).

<<  <   >  >>