للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (البقرة: ١)، {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} (ص: ١)، {حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ الله الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (غافر: ١ - ٢)، فهذه الآيات وأمثالها تقول للعرب: القرآن مكون من هذه الحروف، وهي حروف شعركم ونثركم، فهاتوا مثله يا من تدعون أنه من كلام محمد - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن كثير: "إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته" (١).

وهذا التحدي الإلهي قائم ما دام الليل والنهار، ولئن عجز عنه أرباب اللغة زمن جزالتها، فإنه لن يقدر عليه أولئك المتطفلون اليوم على موائد العلم والأدب والذين يحاولون محاكاة القرآن بالمضحك من القول والسخيف من المعاني، وسفاسف المعارف.

فحين أراد مسيلمة معارضة القرآن فضحه الله وأخزاه، فكان قوله محلاً لسخرية العقلاء وإعراض البلغاء، فقد قال: "يا ضفدع، نقي كما تنقين، لا الماء تدركين، ولا الشراب تمنعين، لنا نصف الأرض، ولقريش نصف الأرض، ولكنّ قريشاً قوم يعتدون" (٢).

وقال أيضاً معارضاً القرآن: " ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج من بطنها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشى .. أوحي إلي أن الله خلق النساء أفراجاً، وجعل الرجال لهن أزواجاً، فنولج فيهن قعساً إيلاجاً، ثم نخرجها إذا


(١) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير (١/ ٦٠).
(٢) ذكره الطبري في تاريخه (٢/ ٥٠٦)، وابن بطة في الإبانة الكبرى ح (٢٤٢٣)، وابن حبان في الثقات (٢/ ١٧٦).

<<  <   >  >>