للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها بي، خلّوا بين هذا الرجل وبينَ ما هو فيه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعتُ نبأ" (١).

وأما عمر بن الخطاب فقصة إسلامه مشهورة حين دخل على أخته فوجدها تقرأ في سورة طه، فلما قرأ فواتح السورة؛ رقّ قلبه ودخل في الإسلام، وأصبح عمرُ الفاروقَ الذي فرق الله به بين الحق والباطل.

وأما جبير بن مطعم - رضي الله عنه - فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيء أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوااتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} قال: (كاد قلبي أن يطير)، وفي رواية: (وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي) (٢).

وأما الطفيل الدوسي فقدم مكة، فحذرته قريش من سماع القرآن، وقالوا: وإنما قوله كالسحر، يفرق بين الرجل وبين أبيه، وبين الرجل وبين أخيه، وبين الرجل وبين زوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئاً.

يقول الطفيل: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئاً، ولا أكلمه حتى حشوت في أذني كرسفاً [قطناً]؛ فَرَقاً [خوفاً] من أن يبلغني شيء من قوله، وأنا لا أريد أن أسمعه.

لكن الله أبى إلا أن يسمعه وهو في الطواف بعض القرآن فقال لنفسه: "واثكل أمي، والله إني لرجل لبيب شاعر، ما يخفى علي الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ فإن كان الذي يأتي به حسناً قبلتُه، وإن كان قبيحاً تركتُه".


(١) أخرجه البيهقي في الدلائل (٢/ ٢٠٢)، وابن إسحاق في السيرة (١/ ١٨٧).
(٢) أخرجه البخاري ح (٤٨٥٤) و (٤٠٢٣).

<<  <   >  >>