للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكم أثار شفقتي الدكتور سنكلر تسديل مثير هذه الشبهة في كتابه "مصادر الإسلام"، فعنه نقلها الطاعنون في القرآن؛ أثار شفقتي لكثرة ما وصفه أديب العربية عباس العقاد بالجهل الذي أوقعه ومن تابعه في هذا الغلط الفاحش، فهو؛ أي سنكلر تسديل من "طائفة تقتحم هذه المباحث، وهي أجهل بآلاتها من عامة الأميين .. من جهل هؤلاء الخابطين في أمر اللغة العربية قبل الإسلام .. ربما كان سنكلر تسديل الذي مثلنا به لجهل المستشرقين باللغة والذوق الأدبي وشواهد التضمين والاقتباس .. موازين النقد الأدبي الذي اشتغل به هذا النفر من المستشرقين لا تسلم على هينة من جراء أخطائهم، لأنهم ضللوا أناساً من تلاميذهم [وبخاصة نصارى العرب الذين رددوا ترديد الببغاء هذه الشبهة من بعد تسديل الأعجمي] فاتبعوهم في أكثر الأخطاء التي كانوا يقعون فيها من جراء عجزهم عن النفاذ إلى حقائق التاريخ وأسرار البلاغة العربية" (١).

ولم ينس العقاد أن يعلم تسديل ومن ضل وراءه من تلاميذه أن الفوارق بين الشعر الجاهلي وشعر غير هـ من العصور أكبر من أن تخفى على ناقد، فلكل عصر، بل لكل شاعر خصائصه الشعرية التي لا تخفى إلا على من "لا سند له ولا سابقة من مثله في آداب الأمم، ولا نصيب له من الذوق الأدبي غير النبو والاستغراب" (٢).

بقي ان أهمس في آذان أتباع تسديل فأخبرهم بأن تسديل تخلص من جهله، وتراجع عن شبهته التي طرحها، وقال: "هذا رأي السيد (س. ج. لايل) الذي أرى أنه من العسير أن نجد ناقدًا أقدر منه للحديث في موضوع الشعر العربي القديم. لقد تفضل بإخباري في رسالة أرسلها إلي حول مؤلف الأبيات محلّ السؤال والمنسوبة إلى امرئ القيس, أنّه يعتقد أنّها ليست له، وقد ضمّنت بعض ملاحظاته في هذا الملحق ... لقد غيّرت رأيي في الموضوع في النسخة الفارسيّة بسبب ما قدمه من حجج" (٣).


(١) اللغة الشاعرة، عباس العقاد، ص (١٠١ - ١٠٦).
(٢) المصدر السابق، ص (١٠٥).
(٣) W. St. Clair Tisdall, The Original Sources Of The Qur'an, ١٩٠٥, Society For The Promotion Of Christian Knowledge: London, p. ٥٠

<<  <   >  >>