للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المَبْحَثُ الثَّالِثُ: تَثَبُّتُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي قَبُولِ الحَدِيثِ:

وكما احتاط الصحابة والتابعون في التحديث، احتاطوا وَتَثَبَّتُوا في قبول الأخبار عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسنعرض هذا فيما يلي:

[أ] تَثَبُّتُ أَبِي بَكْرٍ الصِدِّيقَ فِي قَبُولِ الأَخْبَارِ:

كان أبو بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قُدوة حسنة للمسلمين في المحافظة على السُنَّةِ، والتثبت في قبول الأخبار خشية أن يقع ويقع المسلمون في خطأ يُؤَدِّي بهم إلى ما لا تحمد عُقْبَاهُ. وَسَأُورِدُ بعض الأخبار التي تُبَيِّنُ لنا طريق الصحابة ومنهجهم في ذلك.

١ - قال الحافظ الذهبي: «كَانَ أَبُو بَكْرٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَوَّلَ مَنْ احْتَاطَ فِي قَبُولِ الأَخْبَارِ، فَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ قَُبَيْصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنََّ الجَدََّةَ جَاءَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَلْتَمِسُ أَنْ تُوَرَّثَ، فَقَالَ: " مَا أَجِدُ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْئًا، وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ الْلَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ لَكِ شَيْئًا "، ثُمَّ سَأَلَ النَّاسَ فَقَامَ المُغيرَةُ فَقَالَ: " سَمِعُتُ رَسُولَ الْلَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيهَا الْسُّدُسَ ". فَقَالَ لَهُ: " هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ " فَشَهِدَ مُحَمَّدٌ بْن مَسْلَمَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُوْ بَكْرٍ - رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ -» (١).

٢ - عَنْ يُونُسَ «بْنَ يَزِيدٍ» (٢) عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَ رَجُلاً


(١) " تذكرة الحفاظ ": ص ٣، جـ ١. و" معرفة علوم الحديث ": ص ١٥. و" الكفاية ": ص ٢٦. وقد أخرجه الإمام مالك في " الموطأ ": ص ٥١٣، جـ ٢. كما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
(٢) يُونُسُ بنُ يَزِيدٍ بنِ أَبِي النِّجَادِ، سمع من الزُّهْرِيِّ، انظر ص ١٥٣، جـ ١ من " تذكرة الحفاظ ".