به، فلم ينص الطبري، ولا ابن سعد، ولا ابن الأثير، ولا ابن كثير، ولا الذهبي - على شيء صريح مما ادَّعَاهُ اليعقوبي كما أنه لَمْ يَعْزُ لنا هذا الخبر إلى مصدره، وَيُرَجَّحُ عِنْدِي أَنَّ (جولدتسيهر) اطلع على رأي اليعقوبي، فرأى فيه ما يؤيد نظريته في وضع الحديث، تلك النظرية التي تَعَرَّضْتُ لها في بحث (الوضع في الحديث) وبينت بطلانها، فتعلق به، وسنعرض هذا الخبر على الحقائق التاريخية ونناقشه، ليظهر لنا وجه الحق فيه، وتتجلى لنا من هذا الخبر النقاط الآتية:
١ - منع عبد الملك أهل الشام من الحج.
٢ - بنى عبد الملك قبة الصخرة في المسجد الأقصى ليحج الناس إليها بدلاً من الكعبة.
٣ - حاول حمل الناس على ذلك، بوضع أحاديث مِنْ قِبَلِ الزُّهْرِيِّ المُحَدِّثِ المعروف في الأوساط الإسلامية.
٤ - الدليل على أن الزهري هو واضع هذه الأحاديث أنه كان صديقًا لعبد الملك، وأنه كان يتردد عليه، وأن الأحاديث التي وردت في فضائل بيت المقدس مروية من طريق الزهري فقط.
١ - أما أن يمنع عبد الملك أهل الشام من الحج فغير معقول، لأن الحج فريضة على كل مسلم قادر، فكيف يعطل عبد الملك شعائر الله، ويمنع إقامتها، وقد عرف بالعبادة والصلاح، حتى عُدَّ من فقهاء المدينة، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ:«كَانَ فُقَهَاءُ المَدِينَةِ أَرْبَعَةً: سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ، وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَقُبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، وَعَبْدَ المَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ»(١). وَقَالَ نَافِعٌ: «لَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ المَلِكِ