للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من وضع الزنادقة (١). وهكذا يثبت أن الخوارج لم ينغمسوا في حمأة الوضع لما عرف عنهم من الورع والتقوى.

[٢] أَعْدَاءُ الإِسْلاَمِ (الزَّنَادِقَةُ):

لقد قوضت دولة الإسلام دولتي كسرى وقيصر، وقضت على عروش الملوك والأمراء الذين كانوا يحكمون الشعوب الخاضعة لهم، يذيقونها العذاب ويستنزفون خيراتها، ويسترقون أبناءها، وكان حول هؤلاء الحكام طبقة من الخواص والمستغلين، الذين يفيدون من وراء أولئك الملوك والأمراء، وكانت لهم وسائلهم الخاصة في استغلال رعاياهم، فعندما انتشر الإسلام، وخالط قلوب الأمم المظلومة، والشعوب المغلوبة على أمرها من قبل رعاياها تذوق هؤلاء نعمة الحرية، وشعروا بالكرامة الإنسانية، في حين أفلتت السلطة من يد الحكام، وخسروا مناصبهم، وضاعت تلك المنافع التي كانوا ينالونها باستغلال أبناء الشعب، الذي عرف قيمة الحياة بعد أن حطم قيود الظلم باعتناق الإسلام، ولم يرق الوضع الجديد أولئك المتسلطين، فأضمروا الحقد والكيد للإسلام والمسلمين، ولم يستطيعوا أن يحققوا آمالهم بقوة السيف، لقوة الدولة الإسلامية، فراحوا ينفرون المسلمين من العقيدة الجديدة، بدس الأباطيل والأكاذيب السخيفة على رسول الله، قاصدين من وراء ذلك إبعاد الناس عن الإسلام، الذي حاولوا أن يُصَوِّرُوهُ أبشع الصور في عقائده وعباداته وأفكاره، وظهر هؤلاء بمظاهر مختلفة، وتحت أسماء فرق متعددة، إلا أنهم لم يوفقوا إلى


(١) انظر " السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص ٩٧.