للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أحد، وعرف المسلمون قادتهم من صحابة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يكن من السهل أنْ يُغيِّرَ بعضُ الصحابة والتابعين وجه الحق - كما زعم عبد الحسين - لإرضاء الخليفة وإشباع ميوله ورغباته، وإنَّ من يحاول إثبات صِحَّةَ هذا الخبر لَيَتَجَنَّى على الأُمَّة جميعها، ويجعل من عاصروا تلك الحوادث بُلْهًا مُغَفَّلِينَ، يعمى عليهم الحق بالدعايات الكاذبة والأخبار الموضوعة، والواقع يثبت خلاف ذلك، ويثبت وضع الخبر وعدم صِحَّتِهِ.

ثم إن الخبر الثاني - وهو قدوم أبي هريرة العراق -، من رواية الإسكافي، وهو مردود عندنا، لضعف راويه، ولو سلمنا صحته فليس في هذاما يضير أبا هريرة، لأنه يدفع عن نفسه ما أشاعه بعض خصوم الأمويِّين حوله، وإنَّ الحديث الذي رُوِيَ عن أبي هريرة ليس فيه الزيادة التي اختلقت في ذم الإمام عَلِيٍّ (١) لينال أبو هريرة أجره من معاوية أو غيره.

٤ - كَثْرَةُ حَدِيثِهِ:

أخذ النَظَّامُ المعتزلي على أبي هريرة كثرة أحاديثه، وتابعه بعض المعتزلة قديمًا، ومنهم بشر المريسي، وأبو القاسم البلخي (٢). وقد رَدَّ ابن قتيبة على النَظَّامِ في كتابه " تأويل مختلف الحديث "، ولقيت هذه الشبهة صدى في نفوس بعض المتأخرين كعبد الحسين شرف الدين الذي سَوَّدَ صفحات كثيرة من كتابه " أبو هريرة " (٣)، يشكك في مروياته ويستكثرها، ويوهم القارئ أن ما رواه أبو هريرة أكثر مما رواه الصحابة الذين اشتغلوا بأمور الدولة


(١) انظر " صحيح مسلم ": ص ٩٩٩ حديث ٤٦٩ جـ ٢.
(٢) انظر كتابه " قبول الأخبار ومعرفة [الرجال] ".
(٣) انظر كتابه " أبو هريرة ": ص ٤٥ وما بعدها.