للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقبل أن ندخل الباب الأول من الكتاب أرى من الواجب أنْ أبيِّنَ موضوع السُنَّة ومكانتها من القرآن.

ثَانِيًا - مَوْضُوعُ السُنَّةِ وَمَكَانَتُهَا مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ: (١)

لم يكن للأحكام في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مصدر سوى الكتاب والسُنَّة. ففي كتاب الله تعالى الأصول العامة للأحكام، دون التعرض إلى تفصيلها جميعها والتفريع عليها، إلاَّ ما كان منها متفقاً مع الأصول ثابتاً بثبوتها، لا يتغيَّر بمرور الزمن، ولا يتطور باختلاف الناس في بيئاتهم وأعرافهم، كل هذا حتى يساير القرآن الكريم كل زمن، ويبقى صالحاً لكل أمَّة، مهما كانت بيئتها وأعرافها، فتجد فيه ما يكفل حاجتها التشريعية في سبيل النهوض والتقدم. وإلى جانب هذه الأصول في القرآن الكريم نجد العقائد والعبادات وقصص الأمم الغابرة، والآداب العامة والأخلاق ..

وقد جاءت السُنَّة في الجملة موافقة للقرآن الكريم، تفسِّرُ مُبْهَمَهُ، وتُفَصِّلُ


= [٩] القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي، وأما الحديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعناه من عند الله تبارك وتعالى، بالإلهام أو المنام. وقد يكون بوحي جليّ وليس الوحي الجلي شرطاً له بخلاف القرآن الكريم فإنه لا يكون إلاَّ بوحي جليّ، أي ينزل به الملك من عند الله بلفظه، وعلى هذا قد يكون الحديث النبوي بوحي، وقد يكون باجتهاد إلاَّ أنَّ الرسول لا يقرُّ على اجتهاد خطأ. والحديث القدسي لا يكون إلاَّ بوحي أعم من أنْ يكون جلياً، فيجوز روايته بالمعنى لأنَّ لفظه للرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
انظر " المنهج الحديث في علوم الحديث ": ص ١٣ - ٣٢ وهوامشها نقلنا عنه بإيجاز وبتصرف.

(١) لمعرفة منزلة السُنَّة من القرآن وعلاقتها به، راجع:
" الرسالة " للإمام الشافعي - رَحِمَهُ اللهُ -: ص ٩١ رقم ٢٩٩، و" أصول التشريع الإسلامي ": ص ٤٠ وما بعدها، و " المدخل إلى علم أصول الفقه ": ص ٥٥، و" السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص ٤٢٦ وما بعدها، و " أسباب اختلاف الفقهاء ": ص ١١، و " المدخل إلى السنة وعلومها ": ص ١٧ وما بعدها، و " علم أصول الفقه ": ص ٤١ - ٤٣، و " تاريخ التشريع الإسلامي " للسبكي وإخوانه ": ص ٦٦ وما بعدها، و " تاريخ التشريع الإسلامي " للشيخ محمد الخضري: ص ٣٥.