للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١ - عُمَرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -:

اتهم عبد الحسين شرف الدين وأبو رية (١) أبا هريرة بأنه سرق عشرة آلاف دينار حينما ولي البحرين لعمر، فعزله وضربه بالدرة حتى أدماه.

لقد ذكرت جميع الروايات (٢) المعتمدة أن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قاسمه كما قاسم غيره من الولاة (٣). وليس فيها أنه ضربه حتى أدماه. وكان أبو هريرة يقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَمِيرِِ المُؤمِنِينَ (٤)». لم يحقد على عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مع أنه يعلم أن ما قاسمه إياه إنما هو عطاياه وأسهمه وبعض غلة رقيقة. ولو أن عمر شك في أمانة أبي هريرة بعض الشك لحاكمه وعاقبة العقوبة الشرعية، ولكنه عرف فيه الأمانة والإخلاص فعاد إليه بعد حين يطلبه للولاية فأبى أبو هريرة قبولها كما أسلفنا!!.

هذا وجه الحق الذي أخفاه عبد الحسين وأبو رية، فعبد الحسين نقل رواية واحدة عن " العقد الفريد " لابن عبد ربه (٥)، حيث وجد فيها ما يوافق هواه، ولم


(١) انظر " أبو هريرة " لعبد الحسين شرف الدين: ص ١٤، ١٥، وانظر " أضواء على السنة المحمدية ": ص ١٩٢، ١٩٣.
(٢) انظر في هذا الكتاب القسم الأول من ترجمة أبي هريرة ص ٤١٥ وما بعدها.
(٣) يقول ابن عبد ربه: «ولما عزل عمر أبا موسى الأشعري عن البصرة، وشاطره ماله، وعزل أبا هريرة عن البحرين وشاطره ماله، وعزل الحارث بن كعب وشاطره ماله». انظر " العقد الفريد ": ص ٣٣ جـ ١، وروى ابن عمر «أن عمر قاسم سعد بن أبي وقاص ماله حين عزله عن العراق». (" طبقات ابن سعد ": ص ١٠٥ قسم ١ جـ ٣). فعمر لم يتهم أبا هريرة ولم يشاطره ماله وحده، بل تلك كانت سياسته مع ولاته، كيلا يطمع امرؤ في مال الله، ويحذر الشبهات. وكان يعزل ولاته لا عن شبهة بل من باب الاجتهاد وحسن رعاية أمور المسلمين، انظر ذلك في " العقد الفريد ": ص ٣٤، ٣٥ و ٦٠ جـ ١.
(٤) انظر " طبقات ابن سعد ": ص ٦٠ قسم ٢ جـ ٤.
(٥) " العقد الفريد ": ص ٣٤ جـ ١.