هو أبو العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وابن أخت زوجه ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين. ولد بالشعب حين حصرت قريش بني هاشم، وكانت سِنُّهُ عند وفاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاث عشرة سَنَةً. وقد ضمه الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - إليه وقال:«اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ».
كان طلابة للعلم، وكان لقرابته من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واختلاطه به أثر بعيد في تحمله الكثير الطيب عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حتى أصبح ترجمان القرآن، وكان يقال له الحبر والبحر لكثرة علمه. ولم يأل جُهْدًا - بعد وفاة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في طلب العلم، فكان يقصد الصحابة ويسألهم، حتى إنه لينتظر الصحابي في قيلولته، فيتوسد رداءه على بابه، والريح تسفي التراب على وجهه حتى يخرج إليه فيخبره بما أراد ويقول له الصحابي:«هَلاَّ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ؟»، فيقول:«لاَ، أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ»(**). قال عمرو بن دينار:«مَا رَأَيْتُ مَجْلِسًا كَانَ أَجْمَعَ لِكُلِّ خَيْرٍ مِنْ مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الحَلاَلُ وَالحَرَامُ، وَالعَرَبِيَّةُ، وَالأَنْسَابُ، وَالشِّعْرُ»( ... ).
وكان عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إذا أعضلت عليه قضية دعا ابن عباس، وقال له:
(*) أهم مصادر ترجمته: " سير أعلام النبلاء ": ص ٢٢٤ جـ ٣، و" تذكرة الحفاظ ": ص ٣٧ جـ ١، و" الإصابة ": ص ٩٠ جـ ٤، و" تهذيب التهذيب ": ص ٢٧٦ جـ ٥، و" الجمع بين رجال الصحيحين ": ص ٢٣٩ جـ ١، و" البارع الفصيح " ص ٩: ب، و" الرياض المستطابة ": ص ٥٢.