للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَدُّ عَلَى الشُّبَهِ التِي أُثِيرَتْ حَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ:

ذلكم أبو هريرة الذي عرفناه قبل إسلامه وبعده، عرفناه في هجرته وصحبته للرسول الكريم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان الصاحب الأمين، والطالب المُجِدَّ، التزم السُنَّةَ المُطَهَّرة، في شبابه وهرمه، وفي غناه وفقره، فكان وَرِعًا تَقِيًّا، كريمًا متواضعًا، له مواقفه المُشَرِّفَةَ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعرفنا اعتزاله للفتن وَحُبَّهُ للجماعة وسيعه للخير، وكشفنا عن روحه الطيِّبة المرحة، ونفسه الصافية، وأخلاقه الكريمة، وزُهده في الدنيا وفنائه في الحق، وعرفنا مكانته العلميَّة، وكثرة حديثه، وقوة حافظته، ورأينا منزلته بين أصحابه، وثناء العلماء عليه.

ولكن بعض الباحثين لم يسرهم أن يروا أبا هريرة في هذه المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة، فدفعتهم ميولهم وأهواؤهم إلى أن يصوروه صورة تخالف الحقيقة التي عرفناها، فرأوا في صحبته للرسول الكريم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غايات خاصة لأبي هريرة، ليشبع بطنه ويروي نهمه، وصوروا أمانته خيانة، وكرمه رياء، وحفظه تدجيلاً، وحديثه الطيب الكثير كذبًا على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبهتانًا، ورأوا في فقره مطعنًا وعارًا، وفي تواضعه ذُلاًّ، وفي مرحه هَذَرًا، وصوروا أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لَوْنًا من الاحتيال لخداع العامة، ورأوا في اعتزاله الفتن تَحَزُّبًا، وفي قوله الحق انحيازًا، واعتبروه صنيعة الأمويين الذين طووه تحت جناحهم، فكان أداتهم الداعية لمآربهم