للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم ذلك فإنما يحمل الحادثة على غير محملها.

لذلك سأبين موقف الصحابة من أبي هريرة وحديثه، وقد أضطر إلى ذكر بعض الأحاديث والأخبار التي دارت بينهم، أو اختلفوا من أجلها، لأكشف عن حقيقة أمرهم من راوية الإسلام، ولا بد لي أن أشير إلى أن الصحابة، لم يقفوا من أبي هريرة مَوْقفًا خَاصًّا، كما أنهم لم ينظروا إليه من زاوية معينة، أو بمنظار الشك والريبة ولن أطيل بذكر ما لا يقتضيه البحث.

[أ] هَلْ ضَرَبَ عُمَرُ أَبَا هُرَيْرَةَ لِكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ؟:

لم يثبت قط أنَّ عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ضرب أبا هريرة بِدِرَّتِهِ لأنه أكثر الحديث عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما ذكره أَبُو رَيَّةَ في [ص ١٦٣] وما ذكره عبد الحسين في [ص ٢٦٨] من ضرب عمر لأبي هريرة فهي رواية ضعيفة لأنها من طريق أبي جعفر الإسكافي وهذا غير ثقة.

وأما تهديد عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لأبي هريرة بالنفي وهو ما رواه السائب بن يزيد إذ قال: «سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَقُولُ لأَبِي هُرَيْرَةَ: " لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيثَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ دَوْسٍ "، وَقَالَ لِكَعْبِ الأَحْبَارِ: " لَتَتْرُكَنَّ الحَدِيثَ عَنِ الأُوَلِ أَوْ لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ القِرَدَةِ "» (١). ولكن عبد الحسين وأبا رية قالا: إنه قال لأبي هريرة: «لأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ دَوْسٍ أَوْ بِأَرْضِ القِرَدَةِ» نقلاً عن ابن عساكر، وأشار أبو رية إلى " البداية والنهاية " وليس فيها هذا.


(١) " البداية والنهاية ": ص ١٠٦ جـ ٨.