للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل طالب علم، فيقول: «وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَكْتُبَ، وَقَدْ أَخْبَرَكَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ أَنَّهُ يَكْتُبُ , {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنْسَى}؟» (١).

وكثرت الصحف المدونة، حتى إن خالدًا الكلاعي (- ١٠٤ هـ) جعل علمه في مصحف له أزرار وعرا (٢).

...

رَابِعًا - خِدْمَةُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ لِلْسُنَّةِ:

عاش عمر بن عبد العزيز في جو علمي، فلم يكن بعيدًا - وهو أمير الأمة - عن العلماء، ورأيناه يكتب بنفسه بعض الأحاديث، ويشجع العلماء، وقد رأى أن يحفظ حديث الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويجمعه، وربما دعاه إلى هذا نشاط التابعين آنذاك وإباحتهم الكتابة حين زالت أسباب الكراهة، لأننا لا نعقل أن يأمر بجمع السنة وتدوينها والعلماء كارهون لهذا، ولو كرهوا كتابتها ما استجابوا لدعوته، ومما لا شك فيه أن خشيته من ضياع الحديث دفعته إلى العمل لحفظه.

ويمكننا أن نضم إلى ما ذكرنا سببًا آخر كان له أثر بعيد في نفوس العلماء حَمَلَهُمْ على تنقيح السُنَّةِ وحفظها، وهو ظهور الوضع بسبب الخلافات السياسية والمذهبية، ويؤكد لنا هذا ما يرويه [ابْنُ أَخِي] (*) ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ - يَعْنِي ابْنَ شِهَابٍ -، يَقُولُ: «لَوْلاَ أَحَادِيثَ تَأْتِينَا مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ نُنْكِرُهَا لاَ نَعْرِفُهَا ,


(١) " تقييد العلم ": ص ١٠٣، والآية ٥٢ من سورة طه، وانظر " طبقات ابن سعد: ص ٢ قسم ٢ جـ ٧، وما روي عنه في " سنن الدارمي مِنْ كَرَاهِيَةٍ يُحْمَلُ على الوجه الذي بيناه آنفًا، انظر " سنن الدارمي: ص ١٢٠ جـ ١.
(٢) انظر " تذكرة الحفاظ ": ص ٨٧ جـ ١.