للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويطلب هشام بن عبد الملك من عامله أن يسأل رجاء بن حيوة (- ١١٢ هـ) عن حديث، فيقول رجاء: « ... فَكُنْتُ قَدْ نَسِيتُهُ، لَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدِي مَكْتُوبًا» (١).

وكان عطاء بن أبي رباح (- ١١٤ هـ) يكتب لنفسه، ويأمر ابنه أحيانًا أن يكتب له (٢) وكان طلابه يكتبون بين يديه (٣)، وقد بالغ في حض طلابه على التعلم والكتابة، فَعَنْ [عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ] الهَمْدَانِيُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَحْنُ غِلْمَانُ فَقَالَ: «يَا غِلْمَانُ، تَعَالَوُا اكْتُبُوا، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لاَ يُحْسِنُ كَتَبْنَا لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ قِرْطَاسٌ أَعْطَيْنَاهُ مِنْ عِنْدِنَا!!» (٤).

ونشطت الحركة العلمية وازدادت معها الكتابة والقراءة على العلماء، ويدل على هذا ما روي عَنْ الوَلِيدِ بْنُ أَبِي السَّائِبِ , قَالَ: «رَأَيْتُ مَكْحُولاً , وَنَافِعًا , وَعَطَاءً تُقْرَأُ عَلَيْهِمُ الأَحَادِيثُ» (٥)، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «رَأَيْتُ مَنْ يَقْرَأُ عَلَى الأَعْرَجِ - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزْ (- ١١٧ هـ)، حَدِيثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَقُولُ: هَذَا حَدِيثُكَ يَا أَبَا دَاوُدَ؟ قَالَ: نَعَمْ ... » (٦). وها هو ذا نافع مولى ابن عمر (- ١١٧ هـ) يملي العلم على طلابه، وطلابه يكتبون بين يديه (٧). ويصور لنا قتادة بن دعامة السدوسي (- ١١٨ هـ) بإجابته لمن يسأله عن كتابة الحديث - موقف هذا الجيل من التابعين من الكتابة، بعد أن فشت فيهم وانتشرت وأصبحت من ضروريات


(١) " سنن الدارمي ": ص ١٢٩ جـ ١، و" تقييد العلم ": ص ١٠٨.
(٢) انظر " المحدث الفاصل " نسخة دمشق: ص ٣: ب جـ ٤.
(٣) انظر " سنن الدارمي ": ص ١٢٩ جـ ١.
(٤) " المحدث الفاصل " نسخة دمشق: ص ٣: ب جـ ٤.
(٥) " الكفاية في علم الرواية ": ص ٢٦٤.
(٦) " طبقات ابن سعد ": ص ٢٠٥ جـ ٥.
(٧) انظر " سنن الدارمي ": ص ١٢٦ و ١٢٩، جـ ١.