للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنايتهم بها، وحرصهم عليها، فكيف يغيب عنهم شيء منها، وهم الذين صحبوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَيِّفًا وَعِشْرِينَ عَامًا قبل الهجرة وبعدها، فحفظوا عنه أقواله وأفعاله، «ونومه ويقظته، وحركته، وسكونه، وقيامه، وقعوده، واجتهاده، وعبادته، وسيرته، وسراياه ومغازيه، ومزاحه وزجره، وخطبه وأكله وشربه، ومعاملته أهله، وتأديبه فرسه وكتبه إلى المسلمين والمشركين، وعهوده ومواثيقه، وألحاظه وأنفاسه وصفاته، هذا سوى ما حفظوا عنه من أحكام الشريعة، وما سألوه عن العبادات والحلال والحرام أو تحاكموا فيه إليه» (١) فكانوا بحق خير خلف لخير سلف - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -.

٤ - انْتِشَارُ السُنَّةِ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -:

انتشرت السُنَّةُ مع القرآن الكريم منذ الأيام الأولى للدعوة، يوم كان المسلمون قلة يجتمعون سِرًّا في دار الأرقم بن عبد مناف، يَتَلقَّوْنَ تعاليم الدين الجديد يقرأون القرآن، ويقيمون شعائرهم، وما لبث النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - أنْ صدع بأمر الله تعالى، وكثر المسلمون، وَعَمَّ الإسلام الجزيرة العربية، وكان الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جميع مراحل الدعوة يبلغ الناس، ويفتيهم ويقضي بينهم، ويخطبهم ويسوسهم في السلم والحرب، وفي الشِدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَيُعَلِّمُهُمْ فيحفظون الأحكام وَيُطبِّقُونَهَا. وقد تضافرت عوامل عِدَّةٍ تَكَفَّلَتْ بنشر السُنَّةِ في الآفاق منها:


(١) " المدخل إلى كتاب الإكليل في أصول الحديث ": ص ٧، ٨.