قال الخطيب البغدادي:«التَّابِعِيُّ مَنْ صَحِبَ صَحَابِيًّا»(١)، ولا يكفي مجرد الالتقاء، بخلاف الصحابي فقد اكتفى فيه بذلك، لشرف لقاء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والاجتماع به، أو رؤيته، فإن لذلك أثرًا كبيرًا في إصلاح القلوب وتزكية النفوس، مما لا يتهيأ لمن يلقى الصحابي من غير متابعة له، وطول أخذ عنه.
وقال أكثر المحدثين:«إِنَّ التَّابِعِيَّ مَنْ لَقِيَ وَاحِدًا مِنَ الصَّحَابَةِ فَأَكْثَرَ» وإن لم يصحبه، ولهذا ذكر مسلم وابن حبان - سليمان بن مهران الأعمش في طبقة التابعين، وقال ابن حبان: أخرجناه في هذه الطبقة لأن له لُقْيَا وحفظًا، رأى أنس بن مالك وإن لم يصح له سماع المسند عنه. كما عد الحافظ عبد الغني بن سعيد - يحيى بن أبي كثير من التابعين، لأنه لقي أنسًا، وَعَدَّ فيهم موسى بن أبي عائشة، لكونه لقي عمرو بن حريث، وَعَدَّ فيهم جرير بن أبي حازم لكونه رأى أنسًا، وهذا إقرار منهم بأن التابعين من رأى الصحابي.
واشترط ابن حبان أن يكون من رآه في سن من يحفظ عنه، أي أن يكون مميزًا، فإن كان صغيرًا لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته، كخلف بن خليفة، فإنه عَدَّهُ من أتباع التابعين وإن كان رأى عمرو بن حريث، لكونه كان صغيرًا لا يميز.