للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَدُّ الشُّبُهَاتِ التِي أُثِيرَتْ حَوْلَ الزُّهْرِيِّ:

لقد عرفنا الزهري ونشأته، وعرفناه في طلبه العلم، واطلعنا على كثير من أخلاقه ومزاياه، وأدركنا منزلته العلمية، وقيمته بين علماء التابعين، ومكانته بين أعلام رواة الحديث الشريف، وخدماته الجليلة للسنة النبوية ولطلاب العلم، فكان بحق أحد أعلام الحفاظ الذين لمع اسمهم في صحفات التاريخ، ورفعتهم شهرتهم العظيمة إلى مرتبة الإمامة، فكان بحق حافظ زمانه، وإمام عصره.

إلا أنه لم يسلم من اتهامات وجهها إليه بعض أتباع الفرق، وأعداء الإسلام، فاتهمه بعض الشيعة بالسير في ركاب الأمويين وإرضائهم بوضع ما يروق لهم من الأحاديث التي تثبت دعائم ملكهم، وترد على خصومهم، ويرى هؤلاء في ادعائهم هذا أن الأمويين استعانوا ببعض العلماء من الصحابة والتابعين لإلباس حكمهم ثوب المشروعية الدينية، وساعدوهم في نشر سلطانهم، وتلقف بعض المستشرقين هذه الأفكار، وبنوا عليها عليها أبحاثهم التي انتهت بنتائج تخالف النتائج التي وصل إليها العلماء المسلمون، فشكوا في كثير من الأخبار، وادعوا وضع كثير من أحاديث الصحاح (١)، واتهموا بعض الرواة بما لا يتفق مع الواقع التاريخي، وقد تولى كِبْرَ ذلك المستشرق (جولدتسيهر)، ولم يكن بحثه إلا حلقة في سلسلة الأبحاث التي ترمي إلى هدم الجانب التشريعي من الإسلام، فكما افترى أعداء الإسلام على الصحابي أبي هريرة، افتروا على التابعي


(١) تعرضت لذلك ورددته في الفصل الثاني من الباب الثالث من هذا الكتاب، انظر ص ٢٤٩ وما بعدها.