للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنَ مَرْوَانَ وَمَا بِالمَدِينَةِ شَابٌّ أَشَدُّ تَشْمِيرًا وَلا أَطْلُبُ لِلْعِلْمِ مِنْهُ» (١)، ولا يعقل أن يمنع عبد الملك أهل الشام من الحج وفيهم أئمة التابعين، ويسكتون عنه فلا ينكرون عليه أو يشقون عصا الطاعة. وهناك ما يثبت أن عبد الملك لم يمنع أهل الشام من الحج، فقد ورد في الطبري: «وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ - (سَنَةَ ٦٨ هـ) - وَافَتْ عَرَفَاتَ أَرْبَعَةُ أَلْوِيَةٍ، قََالَ مُحَمَّدٌ بْنَ عُمَرَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبَي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قََالَ: وَقَفَتْ فِي سَنَةِ (٦٨ هـ) بعَرَفَاتٍ أَرْبَعَةُ أَلْوِيَةٍ: ابْنُ الحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ فِي لِوَاءٍ ... وَابْنُ الزُبَيْر فِي لِوَاءٍ ... وَنَجْدَةَ الحَرُورِيِّ خَلْفَهُمَا، ولِوَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ عَنْ يَسَارِهِمَا» (٢)،

[٢]- لَمْ تَذْكُرْ المَصَادِرُ الإِسْلاَمِيَّةُ أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ هُوَ الذِي بَنَى قُبَّةَ الصَّخْرَةِ:

لم تذكر المصادر الإسلامية أن عبد الملك هو الذي بنى قبة الصخرة، بل ذكرت ابنه الوليد (٣)، ويقول الدكتور مصطفى السباعي: «ولم نجدهم ذكروا ولو رواية واحدة نسبة بنائها إلى عبد الملك، ولا شك أن بناءها - كما يزعم جولدتسيهر - لتكون بمثابة الكعبة يحج الناس إليها بدلاً من الكعبة، حادث من أكبر الحوادث وأهمها في تاريخ الإسلام وَالمُسْلِمِينَ فلا يعقل أن يمر عليه هؤلاء المُؤَرِّخُونَ مَرَّ الكرام، وقد جرت عاداتهم أَنْ يُدَوِّنُوا ما هو أقل من ذلك خَطَرًا أو أهمية، كتدوينهم وفاة العلماء وتولي القضاء وغير ذلك، فلو كان عبد الملك هو الذي بناها لذكروها، ولكنا نراهم ذكروا بناءها في تاريخ الوليد، وهؤلاء مُؤَرِّخُونَ أثبات في كتابة التاريخ، نعم جاء في كتاب " [حياة] الحيوان " للدميري نقلاً عن ابن خلكان: أن عبد الملك هو الذي بَنَى القُبَّة وعبارته هكذا: «بَنَاهَا عَبْدُ المَلِكِ وَكَانَ النَّاسُ


(١) " طبقات ابن سعد ": ص ١٧٤ جـ ٥.
(٢) " تاريخ الطبري ": ص ٥٩٥ جـ ٤.
(٣) انظر " الكامل " لابن الأثير: ص ١٣٧ جـ ٤، و" البداية والنهاية ": ص ١٦٥ جـ ٩.