للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفَصْلُ الرَّابِعُ: أَشْهَرُ مَا أُلِّفَ فِي الرِّجَالِ وَالمَوْضُوعَاتِ:

وَهُوَ ثِمَارُ جُهُودِ العُلَمَاءِ فِي المُحَافَظَةِ عَلَى الحَديثِ.

كان لظهور الوضع أثر بعيد في نفوس العلماء حملهم على بذل تلك الجهود العظيمة للمحافظة على الحديث، وكان الوضع من الأسباب القوية التي دفعت العلماء إلى جمع الحديث وتدوينه وتصنيفه، حِرْصًا منهم على صيانته من عبث الوضاعين. وقد عبر الإمام الزهري عن هذا فقال: «لَوْلاَ أَحَادِيثَ تَأْتِينَا مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ نُنْكِرُهَا لاَ نَعْرِفُهَا , مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا وَلاَ أَذِنْتُ فِي كِتَابِهِ» (١).

وقد فصلت القول في جمع الحديث الشريف وتصنيفه في الباب الرابع من هذا الكتاب، وفيه يتجلى لنا اهتمام العلماء بجمع الحديث، وتخليصه من الموضوع، ثم حرصهم على تصنيف الصحيح منه.

والآن سنستعرض آثار العلماء فيما صنفوه من كتب كان لها الأثر الطيب في حفظ الحديث النبوي، فيما يتناول موضوعنا من الرجال وتاريخهم وأحوالهم، وَكُنَاهُمْ وألقابهم وأنسابهم وضبط أسمائهم، وبيان الثقات والضعفاء منهم، وما ألف في الموضوع وغير ذلك - وإن كان قد ألف بعد هذا العصر - مما كان له فضل في صيانة الحديث. وتعتبر هذه المؤلفات حصنًا منيعًا حول الحديث، تتحطم على جنباته سهام أعداء السُنَّةِ، وستبقى أعظم دليل على اهتمام


(١) " تقييد العلم ": ص ١٠٨.