للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المَبْحَثُ الأَوَّلُ: اقْتِدَاءُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

لقد استجاب المسلمون الأوائل إلى قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (١) فتفانوا في اتباع محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وساروا على هديه، وهذه صور سريعة عن تمسكهم بالسُنَّةِ النبوية، تتناول أحوال الرعية والرعاة في مختلف جوانب الحياة.

فها هو ذا أبو بكر الصدِّيق يعقد لواء أسامة بن زيد، ويأبى أنْ يحتفظ بجيشه وهو في أشد الحاجة إليه، ويقول: «مَا كَانَ لِي أَنْ أَحِلَّ لِوَاءً عَقَدَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»، ويعقد اللواء لخالد بن الوليد ليقاتل المُرْتَدِّينَ، وَيَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «نِعْمَ عَبْدُ اللهِ وَأَخُو العَشَيرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، سَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ» (٢).

وتأتيه فاطمة بنت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تطلب سهم رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، فيقول لها: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ، فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى المُسْلِمِينَ، فَقَالَتْ فَأَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ» (٣) وقال: في رواية: «لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ


(١) [سورة الأحزاب، الآية: ٢١].
(٢) " مسند الإمام أحمد ": ص ١٧٣ جـ ١ بإسناد صحيح عن أبي بكر.
(٣) " مسند الإمام أحمد ": ص ١٦٠ جـ ١ بإسناد صحيح ونحوه في ص ١٧٧ و ١٧٨ جـ ١.