للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيضربونهم ويهددونهم بالقتل، روى الإمام مسلم بإسناده المتصل عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ قَالَ: «سَمِعَ مُرَّةُ الهَمْدَانِيُّ مِنَ الحَارِثِ (الأَعْوَرِ) شَيْئًا فَأَنْكَرَهُ فَقَالَ: لَهُ اقْعُدْ بِالبَابِ، قَالَ: فَدَخَلَ مُرَّةُ وَأَخَذَ سَيْفَهُ، قَالَ: وَأَحَسَّ الحَارِثُ بِالشَّرِّ فَذَهَبَ» (١).

وكان نتيجة هذا أن توارى كثير من الكذابين، وكفوا عن كذبهم، كما أصبح عند العامة وعي جيد: يميزون به بين المتطفلين على الحديث وأهله ورجاله الثقات، ويدل على هذا ما رواه ابن حجر عن يزيد بن هارون قال: «كان جعفر بن الزبير وعمران بن حُدَيْرٍ في مسجد واحد مصلاهما، وكان الزحام على جعفر بن الزبير وليس عند عمران أحد، وكان شعبة يمر بهما فيقول: يا عجبًا للناس! اجتمعوا على أكذب الناس وتركوا أصدق الناس، قال يزيد: فما أتى عليه قليل حتى رأيت ذلك الزحام على عمران، وتركوا جعفرًا وليس عنده أحد» (٢). وكان الناس لا يجرؤون على الكذب في زمن سفيان الثوري، لأنه كان شديدًا على الكذابين: يكشف عنهم، ويبين عوارهم، وفيه قال قتيبة بن سيعد: «لَوْلاَ سُفْيَانُ لَمَاتَ الوَرَعُ» (٣).

رَابِعًا - بَيَانُ أَحْوَالِ الرُوَّاةِ:

وكان لا بد للصحابة والتابعين ومن تبعهم من معرفة رواة الحديث،


(١) " صحيح مسلم بشرح النووي ": ص ٩٩ جـ ١، وكان الحارث الأعور كذابًا من غلاة الشيعة، توفي سَنَةَ (٦٥ هـ)، انظر " صحيح مسلم بشرح النووي ": ص ٩٨ و ٩٩ جـ ١، وانظر " ميزان الاعتدال ": ص ٢٠٢ جـ ١، ومُرَّةُ بْنُ شَرَاحِيلَ الهَمْدَانِيُّ، أبو إسماعيل الكوفي تابعي ثقة عابد جليل توفي سَنَةَ (٧٦ هـ)، انظر " تهذيب التهذيب ": ص ٨٨، ٨٩ جـ ١٠.
(٢) " تهذيب التهذيب ": ص ٩١ جـ ٢.
(٣) " الكامل " لابن عدي: ص ٢ جـ ١.