للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحابي عند الأصوليين أو بعضهم: هو كل من طالت مجالسته للرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، على طريق التبع له والأخذ عنه (١) وقول أنس بن مالك وسعيد بن المسيب قريب من قول الأصوليين.

٢ - طَبَقَاتُ الصَّحَابَةِ:

صحيح أن أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحبة على كل من روى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثًا أو كلمة، ويتوسعون حتى إنهم يعدون من رآه رؤية من الصحابة، قالوا هذا لشرف منزلة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلا أن الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - طبقات ودرجات، فهناك السابقون في الإسلام، الذين طالت صحبتهم، وبذلوا أموالهم ودماءهم للدعوة، وهناك من رآه في حجة الوداع رؤية، وبين هؤلاء وهؤلاء درجات ومراتب كثيرة، وهناك من لازمه في الليل والنهار، في حله وظعنه، في صيامه وفطره، في مرحه - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - وجده، في جهاده ومناسكه، وعرف عنه كثيرًا من دقائق الأعمال وشرف السنن، فلا يعقل أن يكون جميع الصحابة في مرتبة واحدة، ولا يتصور هذا في ميزان العدالة والمنطق، لذلك كان الصحابة طبقات بإجماع الأمة، واختلف المؤلفون في تصنيف الصحابة إلى طبقات، فجعلهم ابن سعد خمس طبقات، وجعلهم الحاكم اثنتي عشرة طبقة، وزاد بعضهم أكثر من ذلك (٢).


(١) انظر " تدريب الراوي ": ص ٣٩٧، و" فتح المغيث ": ص ٣١، ٣٢ جـ ٤. حكاه أبو المظفر السمعاني عن الأصوليين وقال: «إِنَّ اسْمَ الصَّحَابِيِّ يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ» (*). وحكاه الآمدي وابن الحاجب وغيرهما، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " العُدَّةِ " فَقَالَ: «الصَّحَابِيُّ هُوَ الذِي لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَقَامَ مَعَهُ وَاتَّبَعَهُ دُونَ مَنْ وَفَدَ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَانْصَرَفَ مِنْ غَيْرِ مُصَاحَبَةٍ وَلاَ مُتَابَعَةٍ». فلا ينصرف إليه هذا الاسم.
(٢) انظر " الباعث الحثيث: ص ٢٠٧، و " فتح المغيث ": ص ٤٠، ٤١ جـ ٤. و " تدريب الراوي ": ص ٤٠٧.