للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩ - حَيَاتُهُ العِلْمِيَّةُ:

صحب أبو هريرة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع سنوات، وسمع منه كثيرًا، وشاهد دقائق السنة، ووعى تطبيق الشريعة، وعرف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منزلته، فأرسله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع العلاء الحضرمي إلى البحرين، فكان مؤذناً وإمامًا، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يتأخر في إجابته عما يسأل لما عرف من حرصه على طلب العلم. قال أَبُو هُرَيْرَةَ، - ذَاتَ يَوْمٍ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلاَّ يَسْأَلُنِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ» (١).

وكان همه طلب العلم، وأمله التفقه في الدين، فَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: عَلَيْكَ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَإِنِّي بَيْنَمَا أنا وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَفُلاَنٌ فِي الْمَسْجِدِ، ذَاتَ يَوْمٍ نَدْعُو اللهَ، وَنَذْكُرُ رَبَّنَا خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا، فَسَكَتْنَا فَقَالَ: «عُودُوا لِلَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ» قَالَ زَيْدٌ: فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبَيَّ قَبْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَمِّنُ - (يقول: آمين) - عَلَى دُعَائِنَا، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ مَا سَأَلَكَ صَاحِبَايَ [هَذَانِ]، وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لاَ يُنْسَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:


(١) " فتح الباري ": ص ٢٠٣ جـ ١، وأوله فيه قال أبو هريرة: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ»، ونحوه في " مسند الإمام أحمد ": ص ٢٠٧ حديث ٨٠٥٦ جـ ١٥، و" طبقات ابن سعد ": ص ١١٨ قسم ٢ جـ ٢ وص: ٥٦ قسم ٢ جـ ٤.