هداه، ولم يقتصر هذا على عهد الصحابة والتابعين، أو على موطن الإسلام الأول، بل انتشرت سُنَّةُ رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - في القرن الأول والقرون التالية، وذاعت في الآفاق عندما حرر المسلمون الأوائل البلاد المجاورة من طغيان الحكام، وانتقلت السُنَّةُ العملية والقولية والتقريرية، جيلاً بعد جيل، تحفظًا صدور الحفاظ وصحفهم إلى أن جمعت في كتب مصنفة، وفي أجزاء مبوبة في منتصف القرن الثاني الهجري على أيدي كبار العلماء والحفاظ، وإن ما جمعه البخاري ومسلم وغيرهما في القرن الثالث لم يكن مُبَعْثَرًا، وإنما اختير من ألوف الأحاديث التي كانت عند الحفاظ متوخين الأحاديث الصحيحة وسيتضح هذا لنا جَلِيَّا عندما نتكلم عن تدوين السنة.
ثَانِيًا - رَأْيُ غَاسْتُونْ وَيَتْ:
كاتب مقال (الحديث) في التاريخ العام للديانات.
أورد غاستون ويت رأي جولدتسيهر السابق وأيده (١)، ونعرض لنقد الحديث فقال: «وقد درس رجال الحديث السنة بإتقان إلا أن تلك الدراسة كانت موجهة إلى (السند) ومعرفة الرجال، والتقائهم وسماع بعضهم من بعض ... »، ثم يقول: «لقد نقل لنا الرواة حديث الرسول مشافهة، ثم جمعه الحفاظ ودونوه، إلا أن هؤلاء لم ينقدوا " المتن " ولذلك لسنا متأكدين من أن الحديث قد وصلنا كما هو عن رسول الله من غير أن يضيف إليه الرواة شيئًا عن حسن نية في أثناء روايتهم الحديث، ومن الطبيعي أن يكونوا قد زادوا شيئًا عليه في أثناء
(١) انظر: Histoire Générale Des Religions (Islam) P.٣٦٦