للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفَصْلُ الثَّانِي: مَا دُوِّنَ فِي صَدْرِ الإِسْلاَمِ ... :

من الثابت أن بعض الصحابة كانوا قد كتبوا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعض أحاديثه بإذن خاص منه كعبد الله بن عمرو، والأنصاري الذي كان لا يحفظ الحديث، ثم كتب غيرهم من حديثه بعد إذنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالكتابة إِذْنًا عَامًّا كما سبق، ولدينا أخبار كثيرة عما كتبه الصحابة من صحف.

غير أنا لا نعرف كل ما تتضمنه هذه الصحف، لأن بعض الصحابة والتابعين كانوا يحرقون ما لديهم من الصحف أو يغسلونها قبل وفاتهم، وكان بعضهم يوصي بما عنده لمن يثق به، كانوا يفعلون هذا خشية أن تؤول تلك الصحف إلى غير أهل العلم (١). ونحن لا نشك في أن كثيرًا من صحف الصحابة قد كتب في عهده - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، وأن أكثر ما كتب تناقله الناس في حياة أصحابه وبعد وفاتهم عن طريق أبنائهم وأحفادهم أو ذويهم. روى ابن عبد البر بسنده عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: وُجِدَ فِي قَائِمِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيفَةٌ فِيهَا مَكْتُوبٌ «[مَلْعُونٌ مَنْ أَضَلَّ أَعْمَى عَنِ السَّبِيلِ]، مَلْعُونٌ مَنْ سَرَقَ تُخُومَ الأَرْضِ، مَلْعُونٌ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ» أَوْ قَالَ: «مَلْعُونٌ مَنْ جَحَدَ نِعْمَةَ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ» (٢).


(١) من أخبار محو الكتب وحرقها ما فعله أبو بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بما كان عنده من الصحف، انظر " تذكرة الحفاظ ": ص ٥ جـ ١، وانظر أخبار غيره في " تقييد العلم ": ص ٥٩ - ٦٣، وفي كتاب " العلم " لزهير بن حرب: ص ١٩٢، وفي " الجامع لأخلاق الراوي ": ص ٤٤: آ.
(٢) " جامع بيان العلم وفضله ": ص ٧١ جـ ١.