للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

، كما يدل على ذلك ما روى مسلم في " صحيحه " أنَّ أبا هريرة قال: " إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " وفي حديث آخر: " يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ أَكْثَرَ ... "» (١).

وقال عبد الحسين شرف الدين: «أنكر الناس على أبي هريرة واستفظعوا حديثه على عهده ... وحسبك أنَّ في مُكَذِّبِيهِ عظماء الصحابة ... » (٢).

ثم قال: «وبالجملة فإنَّ إنكار الأجِلاَّء - من الصحابة والتابعين - عليه واتهامهم إياه مِمَّا لا ريب فيه ما تورع منهم عن ذلك أحد حتى مضوا لسبيلهم ... ولعل جل المعتزلة على هذا الرأي، قال الإمام أبو جعفر الإسكافي ما هذا نصه: «وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضي الرواية، (قال): ضربه عمر بالدرة، وقال: أكثرت من الرواية فأحر بك أنْ تكون كاذبًا على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... » (٣).

وأما أبو رية فقد ساق بعض الأقوال السابقة، وبعض استدراكات الصحابة على أبي هريرة ... واستشهد بفقرات لـ (جولدتسيهر) و (شبرنجر)، وسرد أقوالاً مختصرة لبعض ما دار بين الصحابة وأبي هريرة لِيُكَوِّنَ من ذلك رأيه في أبي هريرة، ويجعله أول راوية اتهم في الإسلام (٤).

مما سبق تبينت لنا الشُبَهُ التي أوردها بعضهم على موقف الصحابة من أبي هريرة، وقد ساقوا تلك الشُبَهِ من غير أنْ يُبَيِّنُوا لنا أسبابها، وإنْ بَيَّنَ


(١) " فجر الإسلام ": ص ٢١٨.
(٢) " أبو هريرة " لعبد الحسين: ص ٢٦٢ - ٢٦٤.
(٣) " أبو هريرة " لعبد الحسين: ص ٦٧٢ - ٧٦٨.
(٤) انظر " أضواء على السنة المحمدية ": ص ١٦٦ - ١٧٢.