للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجمله، وتُقيِّدُ مُطلقه، وتُخَصِّصُ عامه، وتشرح أحكامه وأهدافه كما جاءت بأحكام لم ينص عليها القرآن الكريم (١)، فكانت في الواقع تطبيقاً عملياً لما جاء به القرآن العظيم، تطبيقاً يتخذ مظاهر مختلفة، فحيناً يكون عملاً صادراً عن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحيناً آخر يكون قولاً يقوله في مناسبة، وحيناً ثالثاً يكون تصرُّفاً أو قولاً من أصحابه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيرى العمل أو يسمع القول ثم يقر هذا وذاك، فلا يعترض عليه ولا ينكره، بل يسكت عنه أو يستحسنه فيكون هذا منه تقريراً.

وهكذا كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبيّن ما جاء في القرآن الكريم، والصحابة يقبلون ذلك منه، لأنهم مأمورون باتباعه وطاعته، ولم يخطر ببال امرئ منهم أن يترك قول رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - أو فعله، وقد عرفوا ذلك من كتاب الله تعالى، ففيه {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (٢)، {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا (٣)} {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (٤)، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٥)، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٦).

فتقبَّل المسلمون السُنَّة من الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما تقبَّلوا القرآن (٧)


(١) انظر ص ٢٧ من هذا الكتاب.
(٢) [سورة الفتح، الآية: ١٠].
(٣) [سورة المائدة، الآية: ٩٢].
(٤) [سورة النساء، الآية: ٨٠].
(٥) [سورة الحشر، الآية: ٧].
(٦) [سورة النساء، الآية: ٦٥].
(٧) انظر كيف تلقى الصحابة السُنَّةَ وتمسكوا بها بعد قليل.