للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسياستها، ويثير هذه الشبهة نفسها محمود أبو رية في كتابه " أضواء على السنة المحمدية " (١)، ويستشهد هؤلاء جَمِيعًا بأخبار ضعيفة أو موضوعة أحيانًا، وبتأويلات وموازنات باطلة أحيانًا أخرى، وتلتقي أهواء هؤلاء بأهواء بعض المستشرقين أمثال (جولدتسيهر) الذي استكثر أَيْضًا مرويات أبي هريرة (٢).

وحمل لواء الدفاع عن الحق قديمًا وحديثًا بعض العلماء الذين كشفوا عن نوايا هؤلاء، وبينوا الحق من الباطل، ومازوا الخبيث من الطيب (٣).

وخلاصة أقوالهم، أن أبا هريرة تأخر إسلامه، وروى عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[٥٣٧٤ حديثًا]، وهي أكثر كثيرًا مما رواه الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة الذين سبقوه إلى الإسلام، ومما يقوله عبد الحسين في هذا: «فلينظر ناظر بعقله في أبي هريرة، وتأخُّره في إسلامه، وخموله في حسبه، وَأُمِيَّتِهِ، وما إلى ذلك مِمَّا يوجب إقلاله، ثم لينظر إلى الخلفاء الأربعة، وسبقهم، واختصاصهم، وحضورهم تشريع الأحكام، وحسن بلائهم في اثنين وخمسين سَنَةً، ثلاث وعشرين كانت بخدمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتسع وعشرين من بعده، ساسوا فيها الأمَّة وسادوا الأمم ... فكيف يمكن والحال هذه أَنْ يكون المأثور عن أبي هريرة وحده أضعاف المأثور عنهم جَمِيعًا؟ أفتونا


(١) انظر " أضواء على السنة المحمدية ": ص ١٦٢ وما بعدها.
(٢) انظر " دائرة المعارف الإسلامية ": مادة - حديث -.
(٣) تعرض لهؤلاء قديمًا ابن قتيبة في كتابه " تأويل مختلف الحديث "، والدارمي في كتابه " رد الدارمي على بشر المريسي "، وتفرقت بعض الردود في كتب الصحاح وشروحها كـ " فتح الباري ". ومن المعاصرين من تولى الرد على هؤلاء: فللدكتور مصطفى السباعي " السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي " رَدٌّ على المستشرقين وعلى أَبِي رَيَّةَ، ولمحمد عبد الرزاق حمزة " ظلمات أبي رية " ولعبد الرحمن المعلمي اليماني " الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة " رَدًّا على أَبِي رَيَّةَ.