للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا أولي الألباب!!؟ وليس أبو هريرة كعائشة وإنْ أكثرت أَيْضًا، فقد تزوجها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل إسلام أبي هريرة بعشر سنين، فكانت في مهبط الوحي والتنزيل، ومختلف جبرائيل وميكائيل أربعة عشر عَامًا، وماتت قبل موت أبي هريرة بيسير».

ثم وازن بينهما في الذكاء والفطنة، ثم قال: «على أنها اضطرت إلى نشر حديثها، إذ بثت دعاتها في الأمصار، وقادت إلى البصرة ذلك العسكر الجَرَّارِ. ومع هذا فإنَّ جميع ما رُوِيَ عنها إنما هو عشرة مسانيد ومائتا مسند وألفا مسند، فحديثها كله أقل من نصف حديث أبي هريرة ... ».

ثم يرى بعد ذلك أن حديث أبي هريرة: «مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ الله بن عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ» يعارض كثرة حديث أبي هريرة، ويرى أنه إقرار صريح من أبي هريرة بأنَّ ابن عمرو أكثر منه حَديثًا. وقد بلغ مسند عبد الله بن عمرو (٧٠٠) حديث.

ثم يزعم أَنَّ العلماء حاروا في أمر أبي هريرة ولم يروا مَخْرَجًا له، اللهم إلاَّ ما عَلَّلَهُ ابن حجر القسطلاني والشيخ زكريا الأنصاري، بأنَّ عبد الله بن عمرو قطن مصر بينما سكن أبو هريرة المدينة مقصد المسلمين. ومع هذا يرى كلام أبي هريرة صَرِيحًا يحبط تأويل واعتذار القسطلاني والأنصاري.

ويعود ليقارن بين مقام أبي هريرة في المدينة وعبد الله بن عمرو في مصر ويغمز جانب أبي هريرة ويجعله من المُتَّهَمِينَ عند من يفد إلى المدينة ويقول: «وكثيراً ما كانوا ينقمون عليه إكثاره على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فيقولون إنَّ أبا هريرة يكثر الحديث، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لاَ يُحَدِّثُونَ مثل حديثه ... ». وينتهي عبد الحسين من تحقيقه هذا في كثرة أحاديث أبي هريرة.