للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَلَيْهِمْ» (١)، كما قال أَيْضًا: «وَمَنْ تَأَمَّلَ كُتُبَ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ رَأَى المَعْرُوفَ عِنْدَ مُصَنِّفِيهَا بِالكَذِبِ فِي الشِّيعَةِ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ الطَّوَائِفِ، وَالخَوَارِجُ مَعَ مُرُوقِهِمْ مِنَ الدِّينِ فَهُمْ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ حَتَّى قِيلَ إِنَّ حَدِيثَهُمْ مِنْ أَصَحِّ الحَدِيثِ» (٢). وَقَالَ أَبُو دَاوُدُ: «لَيْسَ فِي أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنَ الْخَوَارِجِ» (٣).

لا بد لنا بعد هذا من مخرج لما رُوِيَ عنهم من الكذب، فالأخبار الأولى تدل على وقوع الوضع منهم، باعتراف أحد شيوخهم، إلا أننا لم نعرف هذا الشيخ!! وقد روى الخطيب عن حماد بن سلمة (٤) نحو حديث ابن لهيعة عن (شيخ من الرافضة)، في نفس الصفحة التي روى فيها خبر ابن لهيعة، فيمكن أن يحمل على أنه خطأ من الكاتب أو الراوي. وإذا فرضنا أنه خطأ، فما موقفنا من الخبرين الآخرين اللذين لا سبيل إلى تسرب الخطأ إليهما؟ إلا أن الأخبار التي تدل على صدقهم تعارض هذه الروايات، والبحث لا يؤدي إلى دليل يُدِينُ الخوارج بالوضع فلا بد من حمل تلك الأخبار على وهم الراوي: أن «الشيخ» خارجي، وهو ليس كذلك. وَأُرَجِّحُ من هذا أن الخبرين ضعيفان لجهالة «الشيخ».

وأما ما روي عن عبد الرحمن بن مهدي: أن الخوارج والزنادقة قد وضعوا هذا الحديث: «إِذَا أَتَاكُمْ عَنِّي حَدِيثٌ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ فَإِنْ وَافَقَ كِتَابَ اللهِ فَأَنَا قُلْتُهُ .. » - فقد فَنَّدَ الدكتور مصطفى السباعي هذا القول، وَبَيَّنَ أنه


(١) " المنتقى من منهاج الاعتدال ": ص ٤٨٠.
(٢) المرجع السابق: ص ٢٢.
(٣) " الكفاية ": ص ١٣٠.
(٤) " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ١٨: ب.