للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاَ يَتِمُّ لَهُ , لِتَطَرُّقِ اِحْتِمَالِ الرِّوَايَةِ بِالمَعْنَى فَلاَ يُوثَقُ بِأَنَّ ذَلِكَ المُحْتَجَّ بِهِ لَفْظُهُ - عَلَيْهِ اَلصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - حَتَّى تَقُومَ بِهِ الحُجَّةُ وَقَدْ أَجْرَيْتُ ذَلِكَ لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا فَصَوَّبَ رَأْي اِبْنِ مَالِكٍ فِيمَا فَعَلَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اليَقِينَ لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ فِي هَذَا البَابِ، وَإِنَّمَا المَطْلُوبُ غَلَبَةُ الظَنِّ الذِي هُوَ مَنَاطُ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَكَذَا مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ مِنْ نَقْلِ مُفْرَدَاتِ الأَلْفَاظِ وَقَوَانِينِ الإِعْرَابِ، فَالظَّنُّ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ كَافٍ وَلاَ يَخْفَى أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى اَلظَّنِّ أَنَّ ذَلِكَ المَنْقُولَ المُحْتَجِّ بِهِ لَمْ يُبَدَّلْ , لأَنَّ اَلأَصْلَ عَدَمُ اَلتَّبْدِيلِ , لاَ سِيَّمَا وَالتَّشْدِيدُ فِي اَلضَّبْطِ وَالتَّحَرِّي فِي نَقْلِ اَلأَحَادِيثِ شَائِعٌ بَيْنَ اَلنَّقْلَةِ وَالمُحْدَثِينَ. وَمَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ بِجَوَازِ النَّقْلِ بِالمَعْنَى فَإِنَّمَا هُوَ عِنْده بِمَعْنى التجويز العقلِيِّ الَّذِي لاَ يُنَافِي وُقُوعَ نقيضه فَلذَلِك تراهم يَتَحَرَّوْنَ فِي الضَّبْطِ وَيَتَشَدَّدُونَ مَعَ قََوْلِهِمْ بِجَوَازِ النَّقْلِ بِالْمَعْنَى، فيغلب عَلَى الظَّنِّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهَا لَمْ تُبَدَّلْ وَيَكُونُ احْتِمَالُ التَّبْدِيلِ فِيهَا مَرْجُوحًا فيلغى وَلاَ يقْدَح فِي صِحَة الاسْتِدْلاَل بهَا.

ثمَّ إِن الْخلاف فِي جَوَاز النَّقْل بِالْمَعْنَى إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لم يُدَوَّنْ وَلاَ كتب وَأما مَا دُوِّنَ وَحَصَلَ فِي بُطُونِ الكُتُبِ فَلاَ يَجُوزُ تَبْدِيلُ أَلْفَاظه من غير خلاف بَينهم قَالَ ابْن الصَّلاَحِ بعد أَن ذكر اخْتلاَفهمْ فِي نقل الحَدِيث بِالْمَعْنَى إِنَّ هَذَا الْخلاف لاَ نرَاهُ جَارِيًا وَلاَ أجراه النَّاسُ فِيمَا نَعْلَمُ فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ بُطُونُ الكُتُبِ فَلَيْسَ لأحد أَن يُغَيِّرَ لَفْظَ شَيْءٍ مِنْ كِتَابٍ مُصَنَّفٍ وَيُثْبِتَ فِيهِ لَفْظًا آخَرَ». اهـ.

«وَتَدْوِينُ الأَحَادِيثِ وَالأَخْبَارِ - بَلْ تَدْوِينُ (١) كَثِيرٍ مِنَ المَرْوِيَّاتِ - وَقَعَ


(١) في الأصل (بل وكثير) فحذفنا الواو لأنه لا يجتمع حرفا عطف مَعًا وأضفنا كلمة (تدوين) تحريرًا للعبارة.